خطة اقتصادية مبتكرة لتركيا تحت قيادة أردوغان

image cover image

تعد الخطة الاقتصادية المبتكرة التي تقودها تركيا تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان مثاليةً على استراتيجية الثقة بالنفس في المجال الاقتصادي . فقد أعلن الرئيس أردوغان سابقاً عن حزمة إصلاحات جديدة، تأكيداً على عزم الحكومة على تقديم البلاد إلى صفوف العشرة الأوائل . وفي سياق آخر ، أعلن أردوغان خطة اقتصادية جديدة لضبط أسعار الصرف بعناية وكبح التضخم ، لتتناسب مع الواقع الاقتصادي في البلاد .

إن الخطوات الاقتصادية المبتكرة التي تقودها تركيا تحت قيادة أردوغان تحظى بمزيد من الإشادة والثقة ، على الرغم من وجود بعض الانتقادات عليها وبالاخص من الاحزاب المعارضة .

فهذه تركيا... وهذه عملتها المحلية من فئة ال 200 ليرة والتي كانت في عام 2008 تساوي ما يقارب ال 150 دولار أمريكي، لكن ذات الفئة اليوم تساوي تقريبا 8 دولار فقط، 15 عام انهارت فيها ليرة تركيا انهيارا جنونيا، وصعد اقتصادها في ذات الوقت بشكل جنوني، تناقضات بين ليرة منهارة واقتصاد يصعد، فبينما يكتب نص هذه المقالة، الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها منذ سنين، فالدولار الواحد يقترب من أن يساوي 26 ليرة.

فهل تنهار تركيا فعلا! وهل أردوغان هو السبب! وماذا عن السياسات الاقتصادية الجديدة.

يبدو أن شيمشيك نجح بإقناع أردوغان أخيرا في أول تحرك اقتصادي للحكومة التركية الجديدة بقيادة اردوغان المنتشي بفوزه بالانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة.

أعلن البنك المركزي التركي في 22 من يونيو رفع أسعار الفائدة إلى 15٪ بعدما كانت 8.5٪ فقط، ارتفاع كان عكس توقعات الاقتصاديين الذين أشاروا لوصول سعر الفائدة إلى 21 ٪، قبل ذلك الرفع بساعات... قال أردوغان أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه :

"سنواصل العمل حتى نجعل تركيا بين أكبر 10 اقتصادات في العالم"

تصريح توقع بعده الكثير من الخبراء أن الفائدة سوف تقفز وان قيمة الدولار ستنخفض أمام الليرة التركية، لكن من جديد فاجئ أردوغان الجميع بسياسته الاقتصادية، ارتفاع وصف بالطفيف ومجرد بداية لارتفاع أكبر في سعر الفائدة، لم يخفض سعر الدولار بل حدث العكس، إذا انخفضت قيمة الليرة، لكن عصا أردوغان السحرية الجديدة ترى عكس ذلك، محمد شيمشيك وزير المالية الجديد والرجل الذي تعول عليه تركيا لإحياء الاقتصاد مرة أخرى قال بعد قرار البنك المركزي :

"إن سياسات تركيا الاقتصادية الجديدة ستجذب رأس المال وستحقق استقرار الليرة"

حديث شيمشيك لا يخرج عن المنطق والواقع أبدا، فلا طالما أنه كان رفع سعر الفائدة يعود على اقتصادات الدول بالفائدة ومن ثم ثباته يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ويحسن قيمة عملتها المحلية كما يحدث مع أمريكا التي تعتبر أقوى اقتصاد في العالم.

دعنا نتوقف لدقيقة ونروي لك كيف يتعامل الاقتصاد العالمي بشكل عام في حال معاناة الاقتصاد وبدء ارتفاع مستويات التضخم.

تتجه الحكومة بشكل مباشر الى رفع سعر الفائدة وذلك بهدف كبح جماح التضخم... تلك النظرية تبناها عالم الاقتصاد الأمريكي (ميلتون فريدمان) الذي حصل على جائزة نوبل فيها والذي يقول فيها بشكل صريح :

"اذا ارتفع سعر الفائدة ستنخفض معدلات التضخم واذا انخفض سعر الفائدة سترتفع معدلات التضخم حتما"

وتلك النظرية في الدول الغربية والأنظمة الاقتصادية الرأسمالية لا يمكن النقاش فيها، حيث تسير عشرات الدول عليها ومنها الولايات المتحدة الامريكية، لكن هل أتبع اردوغان تلك النظرية او الطريقة، الجواب بالتأكيد لا، اردوغان اتخذ الخط المعاكس تماما ، وقد يكون قد نجح بعض الشيء ، فكيف ذلك ؟

اردوغان اعلنها بشكل صريح بدلا من رفع سعر الفائدة سنقوم بتخفيض سعرها حتى تصل لما دون ال 10٪ وهذا سيؤدي لانخفاض التضخم.

سياسة الخفض اطلقها اردوغان فعليا بعد انتهاء ازمة كرونا، حيث اتخذ اردوغان تلك الخطوة مع بدء تعافي حركة التجارة والسياحة وذلك خوفا من انهيار الاقتصاد بسبب انهيار العملة المتوقع.

في أكتوبر من العام 2022 وصل التضخم الذروة عندما وصل سعر الفائدة إلى 10.5٪ حيث وصل التضخم في تركيا الى 85 ٪، حينها توقع الجميع دون استثناء ان خطة اردوغان قد فشلت وان انهيار الاقتصاد التركي مسألة وقت فقط، خصوصا ان سعر الليرة حينها وصل الى 17 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، ولكن قد تكون حرب (روسيا وأوكرانيا) تلك الحرب الفرصة التي وصلت لتركيا، فمع انطلاق الحرب اتخذ الشرق الأوسط بشكل عام ومن ضمنه تركيا حالة من الحياد من الحرب، حيث بقيت العلاقات مع روسيا من جهة والجبهة الغربية مع أوكرانيا من جهة أخرى وفي ذات الوقت اتجهت كل دول المنطقة الى تنفيذ المصالحات وإعادة العلاقات بين كل الدول خصوصا بعد نهاية الازمة الخليجية قبلها، لذلك اتجه اردوغان من جديد لدول الخليج العربي التي بطبيعته الحال لا ترفض التعاون الاقتصادي مع تركيا.

منذ نوفمبر عام 2022 وتحديدا عندما صافح اردوغان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شاهدنا ثباتا تقريبا لسعر صرف الليرة في تركيا بدرجة مثير للغاية حتى اعتقد البعض ان اردوغان اغلق بورصة البلاد، لكن الحقيقة ان الدعم الخليجي للاقتصاد التركي اجبر الليرة على ثبات سعرها امام الدولار الأمريكي، حيث ضخت كل من السعودية والامارات ما يقارب ال 10مليارات دولار ومن ثم قطر 10 مليار دولار أخرى ما يعني ان الخزانة التركية دخلها 20 مليار دولار قبل الانتخابات الرئاسية ما ساعد اردوغان على كبح جماح التضخم وانهيار الليرة، فعلى الرغم من ان اتخاذ قرار جديد بخفض سعر الفائدة في ابريل من العام 2023 الى 8.5٪ لكن التضخم في الحقيقة انخفض الى 45٪ كما ان الليرة لم تتأثر كثيرا من ذلك التخفيض، لذلك ظهر اردوغان وكأنه نسف نظرية فريدمان، فقد خفض سعر الفائدة وانخفض معها معدل التضخم.

لكن في الحقيقة وعند هذا الحد علم اردوغان انه يجب ان يعود للسياسة التقليدية لذلك ترك الأمور على حالها حتى مرور الانتخابات الرئاسية التركية، ولعل تلك العملية ساعدت كثيرا لنجاح اردوغان الذي وعد بتحسين الاقتصاد وأكد ان الخطط القادمة والمستقبلية ستكون دقيقة للغاية. وبالفعل استعاد اردوغان الحرس القديم في سياسته الاقتصادية عندما عين محمد شيمشيك وزيرا للمالية في تشكيلته الحكومية الجديدة والذي قال في اول اعلان له:

"ان تركيا ستعود الى رفع الفائدة من جديد وذلك لكبح جماح التضخم الذي لم يعد يحتمل وللمحافظة على اقتصاد المنافس"

اليوم يملك أردوغان عدة أوراق يمكن أن تساعده مع تركيا اقتصاديا وهي :

أولها : تحالفه مع العرب بشكل عام ورفع معدل التبادل التجاري والاستثمار، حيث أعلنت السعودية قبل مدة عن استثمارات بقيمة 40 مليار دولار ستوقعها مع شركات تركية بهدف تنفيذ مشاريع في المملكة، كما أن السياسيين الأتراك لا تتوقف زياراتهم لدول الخليج منها الإمارات وقطر.

ثانيا : اكتشاف الغاز في البحر الأسود الذي سيخفف أعباء فواتير الطاقة على الدولة.

ثالثا : تعتبر تركيا لاعبا مهما في المفاوضات في الحرب (الروسية الأوكرانية) بين كل من روسيا والغرب وممرا مهما للطاقة في العالم.

جميع هذه الأوراق التي ذكرت أعلاه تعتبر أوراق مهمة لدى أردوغان وتركيا، ما يجعل من عملية منع أي انهيار مرتبطة سياسية في المرتبة الأولى ومن ثم اقتصاديا وبذلك يكون الاقتصاد التركي قد تخطى العقبة الأصعب المتمثلة في التضخم، فقد أكد شيمشيك بعد قرار رفع سعر الفائدة:

"إن ثبات الليرة أمام الدولار أمر محتم وان الحكومة ستبدأ بإجراءات أكثر جدية لإيقاف التضخم الداخلي المتمثل في رفع الأسعار من التجار وأصحاب الأملاك"

الجنسيات التي لا يحق لها التملك العقاري في تركيا cover image
time-white25-01-2024
الجنسيات التي لا يحق لها التملك العقاري في تركيا
تُعدّ تركيا واحدة من الوجهات العقارية الأكثر جذباً للمستثمرين الأجانب، حيث تقدم مزايا عديدة مثل البنية التحتية المتطورة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والثقافة الغنية، فضلاً عن القوانين التي تسهل على الأجانب التملك العقاري. ومع ذلك، تثار العديد من الأسئلة حول الأمور المتعلقة بالاستثمار العقاري في تر...
نفق إسطنبول الكبير - مشروع يربط قارتين ويعزز الاستثمار العقاري cover image
time-white11-06-2024
نفق إسطنبول الكبير - مشروع يربط قارتين ويعزز الاستثمار العقاري
تخطو تركيا خطوات حثيثة نحو تحقيق رؤية طموحة تتمثل في ربط قارتي آسيا وأوروبا عبر نفق إسطنبول الكبير، المقرر افتتاحه في عام 2028. يعد هذا المشروع الضخم بمثابة شريان حيوي جديد يهدف إلى تسهيل حركة المرور وتحسين شبكة النقل في المدينة، مما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد التركي.موقع استراتيجي يربط شطري إسطنبو...
تملك العقار في جورجيا - المميزات والشروط والقوانين cover image
time-white05-11-2024
تملك العقار في جورجيا - المميزات والشروط والقوانين
تسائل الكثيرون عن الاستثمار العقاري في جورجيا، حيث أصبحت هذه الدولة مؤخرًا وجهة متميزة للاستثمارات العربية والدولية. يشكل الاستثمار العقاري أحد المجالات الجاذبة في جورجيا، والذي يتميز بمجموعة من المميزات الفريدة التي تجعله خيارًا مغريًا للمستثمرين. تسعى الحكومة الجورجية جاهدة إلى تحسين البيئة الاستث...
واتس اب
اتصال مباشر