بعد تأجيله مرات عدة، وفي تحدٍ واضح لانتقادات خارجية واعتراضات داخلية من أحزاب سياسية وأكاديميين وجنرالات عسكرية، دشّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "مشروعه المجنون" - قناة إسطنبول، الذي سيربط بحر مرمرة بالبحر الأسود. تعد هذه الخطوة متغيراً جوهرياً في وجه النقل البري والبحري ليس فقط في تركيا، بل في العالم أجمع، وذلك بالنظر إلى الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية للمشروع.
تتجلى أهمية القناة في عدة محاور رئيسية، منها طبيعتها المائية، نطاق عملها، وأثرها المتوقع على التجارة والاقتصاد التركي. قناة إسطنبول هي عبارة عن مجرى مائي يتداخل بشكل موازٍ لمضيق البوسفور، وتشتهر بأنها تمتد من بحيرة كوجوك جكمجه في بحر مرمرة وصولاً إلى البحر الأسود بطول 45 كيلومتراً. حيث يبلغ عمق القناة نحو 21 متراً، مما يجعلها أكثر أماناً في الملاحة البحرية بمعدل 13 مرّة مقارنة بمضيق البوسفور، الذي يشتهر بكثافة مرورية عالية ويحتاج إلى حل عاجل لتحسين خدمته.
بداية المشروع الفعلية توجها الرئيس أردوغان بوضع حجر الأساس لأول جسور قناة إسطنبول. في تصريحاته، أشار إلى أن تنفيذ المشروع سيستغرق نحو ست سنوات. ومن المزمع أن يتضمن إنشاء القناة 6 جسور تربطها بشبكات النقل البرية الحالية، مما يعزز من القدرة اللوجستية والنقل المباشر بين بحر مرمرة والبحر الأسود.
من المتوقع أن تُحدث قناة إسطنبول تحولاً جذرياً في حركة التجارة البحرية. حيث من المتوقع أن يتحول مضيق البوسفور إلى مسار ثانوي للتجارة البحرية مقارنة بالقناة الجديدة، التي ستجذب السفن والناقلات العملاقة. وبالتأكيد ستمنح القناة تركيا ميزة تنافسية أكبر في قطاع النقل الدولي، والذي يشهد مرور أكثر من 75% من حركة التجارة عبر الطرق البحرية.
تكلفة مشروع القناة تصل إلى 25 مليار دولار، منها 15 مليار دولار لشق القناة و10 مليارات دولار للبنية التحتية المحيطة بها. ومن المتوقع أن يؤدي المشروع إلى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي في المناطق المحيطة بالقناة، حيث ارتفع سعر المتر المربع في قرية شاملار من 6.5 دولارات إلى 184 دولارات، مما يعكس الزيادة الهائلة في قيمة الممتلكات.
وفقاً لتقديرات اقتصادية، من المحتمل أن يدر مشروع قناة إسطنبول إيرادات تصل إلى نحو 8 مليارات دولار سنوياً. هذه الإيرادات تعوّض عن عوائد كانت تركيا قد حرمت منها بموجب اتفاقية مونترو، والتي تتحكم في مرور السفن عبر المضائق التركية. تقريباً، تشير التوقعات إلى أن عائدات القناة ستسهم في تغطية تكاليف المشروع خلال عامين فقط.
تُشترط القناة الجديدة بتطبيق نظام تسعيرة خاص، مما يوفر حق سيادي لتركيا في إدارة تلك المياه. وبذلك، بإمكان تركيا تحصيل رسوم محددة عن كل طن من البضائع وحمولات السفن التي تعبر عبر القناة، مما يُثري الخزينة العامة ويعزز من الاقتصاد التركي.
ومع ذلك، يبقى هناك جدل حول التأثير المحتمل للقناة على اتفاقية مونترو، التي تتيح حرية مرور السفن الدول المتاخمة للبحر الأسود. الموقف الرسمي التركي يؤكد أن قناة إسطنبول لن تؤثر مباشرةً على هذه الاتفاقية، حيث ستظل السفن التي تسير عبر القناة خاضعة لنظام القيود الذي تفرضه الاتفاقية. لكن تظل القضية المحورية في كون القناة الجديدة لا تمثل تهديداً لسيادة تركيا على مياهها، حيث يتم اعتبار القنوات والجزر الاصطناعية كإقليم بري وفقاً لقوانين البحار.
قناة إسطنبول، بطبيعتها وبآثارها الاقتصادية المرتقبة، هي مشروع طموح يحمل رؤى استراتيجية بعيدة المدى تسهم في رسم ملامح جديدة للقطاع البحري والنقل الدولي. ومع ذلك، يبقى على الحكومة التركية والمشرفين على المشروع أن ينجحوا في إدارة المخاوف المتعلقة بالبيئة والسلامة الملاحية والجدل حول الصفقات الدولية، لكي تخرج القناة إلى النور كتحفة هندسية ووسيلة لتعزيز الاقتصاد والتنمية المستدامة في تركيا. إن النجاح في تنفيذ هذا المشروع ليس فقط محفزاً للنمو، بل يحمل أيضاً بعداً استراتيجياً في إعادة تشكيل دور تركيا كقوة بحرية وتجارية في المنطقة.
تُعد شركة مباني واحدة من الشركات الرائدة في مجال العقارات، حيث تتيح للمهتمين فرصاً متنوعة للاستثمار في الأراضي المعروضة للبيع على جانبي القناة. تتميز الأراضي التي تعرضها الشركة بكونها حصرية، مما يعني أنه يمكن للمستثمرين الحصول على خيارات فريدة لا تتوافر في السوق الأوسع، مما يُعزز من فرص نجاحهم في الاستثمار. تسعى شركة مباني إلى تلبية احتياجات عملائها من خلال تقديم معلومات موثوقة وشاملة حول كل قطعة أرض، بما في ذلك المواقع الاستراتيجية، والمرافق القريبة، والتمويل المتاح، مما يجعل عملية اتخاذ القرار أكثر سهولة وأماناً. إضافة إلى ذلك، تهتم الشركة بتقديم استشارات عقارية متخصصة لمساعدة العملاء في فهم السوق العقارية وأفضل السبل لاستثمار أموالهم، مما يعكس التزامها في تقديم قيمة مضافة تضمن لهم تجربة استثمارية مميزة وناجحة.
12-01-2024 
